لا أؤمر بصعب و إن أمرت فليس الله بآمـــــــــــري

و إن رأيت الأمر صعبا فالعيب برؤياي لـــيس بآمـري

آمري هو الله خالقي رازقي كل الوقت معه حاضري


الأربعاء، فبراير 28، 2018

قصة: بين التخلف و العدل

إجتاح العدو مدينة تخلفستان،، و راح يقتل و يذبح كل من يصادفه،، كان الملك غائب عن الديار في رحلة صيد؛ حينها خاف ولي العهد و جزع فحارب بجبن و خشي الهزيمه فهزم،، تقهقهر أمام ضربات العدو الموجعة و التي لا ترحم،، فإعتزل الحرب يداوي جراحة، و إذا بالجيش يكاد ينهار فتولىٰ زمام الأمور الوزير بدون أمر،، وراح يحارب و يحارب بشجاعة، فإشتدت عزائم الجيش و إشتدت المعركة، كادت أن تفتك بهم الهزيمه مرة أخرى،، و عاد ملك مدينة تخلفستان و اتجه إلى أرض المعركة في العاصمة التي تسمى جهلستان وإستمرت المعركة حتى الفجر، و كان النصر حليفاً لهم؛


و بعد الفرح بالنصر هذا "ولي العهد" يهتم بجراحة و يداويها ليس مبالياً إلا بها!!!؟.
و ما إن رأى الوزير حتى وجه له سؤاله المتخلف و الذي يعد عرفاً في مدينة تخلفستان فهم لا يؤمنون بدين و لا يعترفون بالأخلاق؛
قال ولي العهد للوزير: كيف تكمل الحرب دون أن تستأذن و يؤذن لك؟؟

فأجاب الوزير: و لكنك لم تستأذن الملك أنت أيضاً و دخلت المعركة؟؟

قال و لي العهد: أنا أنوب عن الملك في غيابه!!

فأجاب الوزير: و أنا أنوب عنك في غيابك!!


و كان الملك يراقب حوار وزيره و ولي عهده،،،،

و لأن التخلف عرف مبجل لديهم لا يتطرقون أبداً للسؤال عن الحيثيات لأنها تعتبر من المحرمات عندهم؛
و لكن أحد الجنود شعر بالإستفزاز،، و قرر الخروج عن هذا العرف و دخل في الحيثيات،،،

الجندي: أنا أستئذن سيدي الملك في التحدث؟
الملك: أذنا لك، هات ما عندك،،
الجندي: إن قيادة الوزير للمعركة في غياب ولي العهد هي السبب في هزيمة العدو،، لأن الوزير لا يجد الوقت الكافي للاستئذان و قد احتدم الصراع في أرض المعركة،، غير أن الوزير لا يستطيع إيقاف معركة سارية و العدو قوي.

قد ارتكب الجندي عشريني العمر مصيبة الدخول في الحيثيات،،،

الملك يهلع و يغضب و بالكاد يلتقط أنفاسة،،
و ولي العهد يطالب بتطبيق العقوبة على الجندي يتهمة الخيانه،،
الوزير يبتسم  و يقول في نفسه: ها قد جاء التغيير و استطاع واحد منا البوح عن ما يدور في مخيلته و نفسه و تعدى حدود الأعراف المتخلفه.

الملك: نأمر بعرض هذا الجندي على مستشفى الأمراض العقلية،،
الوزير: و ماذا عن ولي العهد ما رأيك؟
ولي العهد: نكمل نقاش قضيتنا!!
الوزير: إن ما قمت به أنا يا سيدي في المعركة لا يتعدى ما قمت به أنت،، أنت دخلت دون إذن من الملك،، ما علي من حجه مثلها عليك،،

الملك: نأمر في تحويل قضيتكم لقاضي مدينة تخلفاستان،،،،

و فعلاً تحول القضية للقاضي كي يحكم بها بين المتخاصمين،،

القضية: دخول المعركة بدون استئذان
الخصم الأول: ولي العهد
الخصم الثاني: الوزير

في اليوم التالي تم عرض القضية على القاضي،، طلب من الخصوم الحضور،، فحضر الوزير و حضر بعده ولي العهد،،

القاضي: إن الخصومه التي بينكما يوجد بها طرف ثالث لم يحضر؟
ولي العهد: و من هو هذا الطرف؟
القاضي: الملك؟
ولي العهد: كيف؟ و لماذا؟
القاضي: إن دخولك للمعركة دون إستئذان من الملك،، يستوجب أن نتحقق من حدوثه
ولي العهد: نذهب للتحاكم في بلاط الملك
القاضي: هذا ما يجب فعله،،

يمتطي كلاً جواده و يذهبون إلى بلاط الملك،،

ما إن وصلوا حتى دخلو على الملك يخبرونه أنهم واجهوا معضله في حل قضيتهم،،

فتعجب الملك و قال: إن العدل هو أساس حكم مدينة تخلفاستان،، و إن الملك يعود إلى صفوف العامة إن ثبت تقصيرة،، و لكن هذه الخصومة بين الوزير و ولي العهد و لست طرفاً فيها!!

و كل العادة لا يمكن أبداً التحدث في الحيثيات،، و إن وَجَدَ أحدُهم طريقة يوصل بها ما يدور في خاطرة دون الدخول في حيثيات المشكله تكن المشكلة قد حلت!!؟
و هذا ما فعله بالضبط القاضي،،
حيث قال: هل دخل ولي العهد المعركة دون علمك يا سيدي الملك؟
الملك: نعم فعل و هو مخول لفعل ذلك
القاضي: هل دخل الوزير المعركة دون استئذان منك يا سيدي الملك؟
الملك: نعم فعل و هو مخول لفعل ذلك
القاضي: نستأذن في الخروج من بلاطك يا سيدي
الملك: لكنك لم تستأذن في الدخول!!؟
القاضي: أ، و،  لست مخولاً لفعل ذلك؟
الملك: لا،، و نأمر في إعفائك من منصبك، لأنك لم تطبق الإستئذان!!

و عين الملك قاضي آخر للحكم بين الوزير و ولي العهد............

وصل بيان للقاضي الجديد و فيه:
تم تعيينكم قاضياً على مدينة تخلفاستان
و تم عزل القاضي القديم من منصبة
و تم تكليفكم في حل قضية الوزير و ولي العهد.

لم يصدق هذا الرجل أنه أصبح قاضي المدينة،، فقد درس التخلف و قرأه و كتب فيه حتى أصبح يعرف كيف يتجاهل كل الحيثيات التي من الممكن أن تواجهه دون أي عناء يذكر!!!

استلم حقيبته التي تحوي أكثر من خمسين قضية، و التي لا تعد كثيرة لأن التخلف يساعدهم على التنازل عن حقوقهم  نسيانها كلياً،، و هذا يعد من أعظم إنجازات التخلف،،،

و في يوم المحاكمة يأتي الخصمان إلى القاضي ليحكم بينهم،،

القاضي الجديد: يا ولي العهد هل دخلت المعركة بدون علم ملكك؟
ولي العهد: نعم فعلت
القاضي: يا وزيرنا هل دخلت المعركة بدون علم ولي العهد؟
الوزير: نعم فعلت


القاضي: إن قضيتكما معقده جداً،، و لكن مفتاح فك لغزها عندي!!
لقد كان العدو قوياً و كانت المعركة طويله،، و لكننا انتصرنا في آخرها،، فولدت قضية دخول المعركة بعدها،، و بسبب هذه القضية دخل جندي مستشفى الأمراض العقلية،، و تم إعفاء القاضي من منصبة،، و القضية عسكرية و ليست مدنية،،، إن في نهج التخلف الذي تعلمته،، الدخول في الحيثيات من المحرمات في مدينتنا،، و لا يعد ما قلته دخولاً في الحيثيات لأنه لا يناقش صلب المشكله بل يطوف حولها مثل ما تطوف الأفكار في مخيلتي و أجبر على كتمانها،،

الحكم: لقد دخل ولي العهد في الحيثيات حين سأل الوزير "استئذان خوض المعركة"،، هذا جرم واضح في مدينة تخلفاستان،، و قد تم الحكم عليه ب ٢٠٠ ناقة لتجاوزه حد أعراف مدينتنا تدفع للفقراء و المساكين.

و هكذا تحقق العدل بدون الدخول في الحيثيات!!؟









الأحد، فبراير 18، 2018

حين ما يتمنى العدو

أرهقونا رواد التنمية البشرية في وجوب التفريق بين مفهومين يدَّعون أن الناس تخلط بينهم،، و يقولون أن الأُمنية مجرد حلم قد يتحقق إذا كان هدفاً قد تم التخطيط له جيداً،، أما الدين يقول أن الله سبحانه على كل شيء قدير، و هو الذي يكتب للعبد المؤمن "تحقيق" أمنيته و هو مجيب الداعي إذا دعى،،، فالتفريق بين الأمنية و الهدف ليس هو الأساس في تحقيق الحلم، ليس هناك شك أن التخطيط مهم جداً و لكن الله هو ميسر الأمور،،، و لكن الإيمان أهم؛

قال تعالى:إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ 
سورة: فاطر، الأية:٦
في هذه الأية وضوح تام في صورة العلاقة بين الإنسان و الشيطان.و في آية أخرى يقول الله عزوجل:
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ
سورة: الحجر، الأية:٤٢
و هنا بيان واضح و صريح بأن هذا العدو ضعيف،، مما يبعث الثقة في نفس المؤمن الحق؛
قد عرفنا أن كل سوء أو خطأ يصيب الإنسان هو من نفسه أو من الشيطان "العدو"،، و إن مشكلة النفس من الممكن إختزالها في مسألة التدريب حيث يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: 
« إنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ، ومن يتحر الخير يعطه ، ومن يتق الشر يوقه ». 
فالإنسان بتدريب النفس و تهذيبها يستطيع التغلب على أخطائها،، و الإرادة إذا لازمها دعاء تجعل الأمنية حقيقة،، و الحلم واقع ينجلي عنه الغمام كل يوم أكثراً فأكثر،،، إن الشعور بالخطوات التي تمضي نحو تحقيق الحلم أهم بــكـثـيــــر من التخطيط المحكم؛

أما بالنسبة للشيطان فالأمر مختلف تماماً عن مسألة النفس في التدريب كحل؛
 لأنه ينتهز كل لحظة ضعف أو غفله أو يأس،، لحظات الشعور السيء مثل الخوف أو الغضب أو الحزن،، إن المشاعر هي البوابة الأولى التي يحاول الشيطان الدخول من خلالها؛
سبحان الله،، قد ميزنا سبحانه في فهم مشاعرنا و مشاعر الآخرين،، و قد ميزنا في القدرة على التعبير عن مشاعرنا،، بل إن التعبير عن المشاعر هو مفتاح النجاح الأول بعد الإيمان؛ فلماذا نترك مشاعرنا للشيطان و لا نستثمرها؟ المشاعر هي التي تبلور الأفكار و توجه السلوك و ليست هي النهاية في أمر ما؛ بل على العكس هي البداية و أساس النجاح، هي وقود الإنسان،، و تجاهل الإنسان لمشاعره و الهروب من مواجهتها هو ما يحقق إحدى أماني الشيطان،،،
حينما يتمنى الشيطان الفشل أو المرض أو الموت لبني آدم،، فهو لن يجد من يحقق له أمنياته هذه،، بينما نحن البشر وعدنا الله سبحانه حين قال: "أدعوني أستجب لكم"،، إن جل أماني الشيطان حين يتمنى هي عجز الإنسان عن دعاء الله عزوجل لحظة خوف يطرأ،، أو لحظة أمنية تخطر؛

فسبحان الله،،،،،،