لا أؤمر بصعب و إن أمرت فليس الله بآمـــــــــــري

و إن رأيت الأمر صعبا فالعيب برؤياي لـــيس بآمـري

آمري هو الله خالقي رازقي كل الوقت معه حاضري


الاثنين، سبتمبر 01، 2014

قصة: بين التخلف و العدل

إجتاح العدو مدينة تخلفستان،، و راح يقتل و يذبح كل من يصادفه،، كان الملك غائب عن الديار في رحلة صيد؛ حينها خاف ولي العهد و جزع فحارب بجبن و خشي الهزيمه فهزم،، تقهقهر أمام ضربات العدو الموجعة و التي لا ترحم،، فإعتزل الحرب يداوي جراحة، و إذا بالجيش يكاد ينهار فتولىٰ زمام الأمور الوزير بدون أمر،، وراح يحارب و يحارب بشجاعة، فإشتدت عزائم الجيش و إشتدت المعركة، كادت أن تفتك بهم الهزيمه مرة أخرى،، و عاد ملك مدينة تخلفستان و اتجه إلى أرض المعركة في العاصمة التي تسمى جهلستان وإستمرت المعركة حتى الفجر، و كان النصر حليفاً لهم؛


و بعد الفرح بالنصر هذا "ولي العهد" يهتم بجراحة و يداويها ليس مبالياً إلا بها!!!؟.
و ما إن رأى الوزير حتى وجه له سؤاله المتخلف و الذي يعد عرفاً في مدينة تخلفستان فهم لا يؤمنون بدين و لا يعترفون بالأخلاق؛
قال ولي العهد للوزير: كيف تكمل الحرب دون أن تستأذن و يؤذن لك؟؟

فأجاب الوزير: و لكنك لم تستأذن الملك أنت أيضاً و دخلت المعركة؟؟

قال و لي العهد: أنا أنوب عن الملك في غيابه!!

فأجاب الوزير: و أنا أنوب عنك في غيابك!!


و كان الملك يراقب حوار وزيره و ولي عهده،،،،

و لأن التخلف عرف مبجل لديهم لا يتطرقون أبداً للسؤال عن الحيثيات لأنها تعتبر من المحرمات عندهم؛
و لكن أحد الجنود شعر بالإستفزاز،، و قرر الخروج عن هذا العرف و دخل في الحيثيات،،،

الجندي: أنا أستئذن سيدي الملك في التحدث؟
الملك: أذنا لك، هات ما عندك،،
الجندي: إن قيادة الوزير للمعركة في غياب ولي العهد هي السبب في هزيمة العدو،، لأن الوزير لا يجد الوقت الكافي للاستئذان و قد احتدم الصراع في أرض المعركة،، غير أن الوزير لا يستطيع إيقاف معركة سارية و العدو قوي.

قد ارتكب الجندي عشريني العمر مصيبة الدخول في الحيثيات،،،

الملك يهلع و يغضب و بالكاد يلتقط أنفاسة،،
و ولي العهد يطالب بتطبيق العقوبة على الجندي يتهمة الخيانه،،
الوزير يبتسم  و يقول في نفسه: ها قد جاء التغيير و استطاع واحد منا البوح عن ما يدور في مخيلته و نفسه و تعدى حدود الأعراف المتخلفه.

الملك: نأمر بعرض هذا الجندي على مستشفى الأمراض العقلية،،
الوزير: و ماذا عن ولي العهد ما رأيك؟
ولي العهد: نكمل نقاش قضيتنا!!
الوزير: إن ما قمت به أنا يا سيدي في المعركة لا يتعدى ما قمت به أنت،، أنت دخلت دون إذن من الملك،، ما علي من حجه مثلها عليك،،

الملك: نأمر في تحويل قضيتكم لقاضي مدينة تخلفاستان،،،،

و فعلاً تحول القضية للقاضي كي يحكم بها بين المتخاصمين،،

القضية: دخول المعركة بدون استئذان
الخصم الأول: ولي العهد
الخصم الثاني: الوزير

في اليوم التالي تم عرض القضية على القاضي،، طلب من الخصوم الحضور،، فحضر الوزير و حضر بعده ولي العهد،،

القاضي: إن الخصومه التي بينكما يوجد بها طرف ثالث لم يحضر؟
ولي العهد: و من هو هذا الطرف؟
القاضي: الملك؟
ولي العهد: كيف؟ و لماذا؟
القاضي: إن دخولك للمعركة دون إستئذان من الملك،، يستوجب أن نتحقق من حدوثه
ولي العهد: نذهب للتحاكم في بلاط الملك
القاضي: هذا ما يجب فعله،،

يمتطي كلاً جواده و يذهبون إلى بلاط الملك،،

ما إن وصلوا حتى دخلو على الملك يخبرونه أنهم واجهوا معضله في حل قضيتهم،،

فتعجب الملك و قال: إن العدل هو أساس حكم مدينة تخلفاستان،، و إن الملك يعود إلى صفوف العامة إن ثبت تقصيرة،، و لكن هذه الخصومة بين الوزير و ولي العهد و لست طرفاً فيها!!

و كل العادة لا يمكن أبداً التحدث في الحيثيات،، و إن وَجَدَ أحدُهم طريقة يوصل بها ما يدور في خاطرة دون الدخول في حيثيات المشكله تكن المشكلة قد حلت!!؟
و هذا ما فعله بالضبط القاضي،،
حيث قال: هل دخل ولي العهد المعركة دون علمك يا سيدي الملك؟
الملك: نعم فعل و هو مخول لفعل ذلك
القاضي: هل دخل الوزير المعركة دون استئذان منك يا سيدي الملك؟
الملك: نعم فعل و هو مخول لفعل ذلك
القاضي: نستأذن في الخروج من بلاطك يا سيدي
الملك: لكنك لم تستأذن في الدخول!!؟
القاضي: أ، و،  لست مخولاً لفعل ذلك؟
الملك: لا،، و نأمر في إعفائك من منصبك، لأنك لم تطبق الإستئذان!!

و عين الملك قاضي آخر للحكم بين الوزير و ولي العهد............

وصل بيان للقاضي الجديد و فيه:
تم تعيينكم قاضياً على مدينة تخلفاستان
و تم عزل القاضي القديم من منصبة
و تم تكليفكم في حل قضية الوزير و ولي العهد.

لم يصدق هذا الرجل أنه أصبح قاضي المدينة،، فقد درس التخلف و قرأه و كتب فيه حتى أصبح يعرف كيف يتجاهل كل الحيثيات التي من الممكن أن تواجهه دون أي عناء يذكر!!!

استلم حقيبته التي تحوي أكثر من خمسين قضية، و التي لا تعد كثيرة لأن التخلف يساعدهم على التنازل عن حقوقهم  نسيانها كلياً،، و هذا يعد من أعظم إنجازات التخلف،،،

و في يوم المحاكمة يأتي الخصمان إلى القاضي ليحكم بينهم،،

القاضي الجديد: يا ولي العهد هل دخلت المعركة بدون علم ملكك؟
ولي العهد: نعم فعلت
القاضي: يا وزيرنا هل دخلت المعركة بدون علم ولي العهد؟
الوزير: نعم فعلت


القاضي: إن قضيتكما معقده جداً،، و لكن مفتاح فك لغزها عندي!!
لقد كان العدو قوياً و كانت المعركة طويله،، و لكننا انتصرنا في آخرها،، فولدت قضية دخول المعركة بعدها،، و بسبب هذه القضية دخل جندي مستشفى الأمراض العقلية،، و تم إعفاء القاضي من منصبة،، و القضية عسكرية و ليست مدنية،،، إن في نهج التخلف الذي تعلمته،، الدخول في الحيثيات من المحرمات في مدينتنا،، و لا يعد ما قلته دخولاً في الحيثيات لأنه لا يناقش صلب المشكله بل يطوف حولها مثل ما تطوف الأفكار في مخيلتي و أجبر على كتمانها،،

الحكم: لقد دخل ولي العهد في الحيثيات حين سأل الوزير "استئذان خوض المعركة"،، هذا جرم واضح في مدينة تخلفاستان،، و قد تم الحكم عليه ب ٢٠٠ ناقة لتجاوزه حد أعراف مدينتنا تدفع للفقراء و المساكين.

و هكذا تحقق العدل بدون الدخول في الحيثيات!!؟